كتب رئيس تحرير وكالة معاً د.ناصر اللحام - يعجبني كثيرا ما يكتبه الاستاذ الكبير نبيل عمرو حول حركة فتح ، ولكن فتح لا تزال بحاجة الى الفصل بين التنظيم وبين السلطة لانها دفعت اثمانا باهظة جدا من لحمها وعظمها لاطعام سلطة مختلف عليها ، ولانني لا انكر احترامي وتقديري لهذه الحركة الرائدة، اسوة باحترامي وتقديري لباقي فصائل المقاومة . فانني ارى ان حركة فتح لا تزال تعاني من عدم الفصل بين السلطة كمكسب وبين العرفاتية كفكر ومنهاج سياسة ، والمكاسبية هنا هي ان تفوز اي حركة بأكبر عدد ممكن في مقاعد البلديات ، امّا العرفاتية فهي تكوين جبهة وطنية عريضة تصطف وراء منظمة التحرير وتشكل جدارا صلبا للثقة والمكسب الوطني العام .
فما الداعي لان تخوض حركة فتح كبرى فصائل منظمة التحرير معركة انتخابية حامية الوطيس لتنافس مرشح مستقل في قرية نائية ؟ وما الداعي لتدخل باربع قوائم في منافسة مع الجبهة الشعبية في بيت ساحور ؟ وماذا لو انها تنازلت لمرشح مستقل هنا او لمرشح متدين هناك ؟ وماذا لو تراجعت للجبهة عن كل بلدية بيت ساحور مثلا واعطت الجبهة الديموقراطية بلدية ابو ديس ومنحت المرشحين المسيحيين المستقلين الفوز التام في بلدية رام الله ؟؟؟
هل ستخسر فتح عدة رؤساء بلديات وعدد من المقاعد ؟ ربما . ولكنها ستكسب الوطن كله . فكل ثورات الربيع العربي تقوم على فكرة المشارة في الحكم وعدم الانفراد في السلطة . وهذا ما فعلته فتح في الحكومة وهو امر مشهود لها نقابيا وسياسيا .
ان العمود الفقري للعرفاتية يقوم على اساس التنوّع والاختلاف وعدم الانفراد في الحكم ، ولان قيادة حركة فتح التي تخوض انتخابات بلديات الضفة لوحدها من دون منافسة حركة حماس ، كان عليها تشكيل قوائم تراضي وطني او نسبي واجزلت العطاء لباقي الفصائل محدودة الدخل والحجم ، ومنحتها اكثر مما طلبت ولن تخسر فتح شيئا ، ولو ان الفصائل الاخرى اخدت رؤساء بلديات ومقاعد اكثر لزاد هذا في رصيد فتح استراتيجيا ومنح حركة فتح هوامش تكتيك عالية جدا في الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة .
ولاننا في هذه المقالة نتحدث عن امراض الفصائل الكبرى ولا نتحدث عن امراض الاقليات ، نقول انه لا يزال هناك بعض القيادات الميدانية في حركتي فتح وحماس ، تعتقد ان الاخرين الذين يختلفون عنهم في الانتماء والفكر مجرد موظفين أجراء يعملون لديهم في كنف هذا الوطن ، ولا يريدون الاقتناع ان الاخرين هم شركاء وامناء واوفياء لهذا الوطن مثلهم وربما افضل منهم .فقد كان الراحل عرفات يبحث بكل جهد عن اي ممثل لاي فصيل في اي ساحة من ساحات العالم ويعطيه منصبا او مقعدا .
هل تريد حماس ان تربح كل قطاع غزة ؟ مبروك عليها .
هل تريد فتح ان تربح كل مقاعد الضفة ؟ مبروك عليها .
ولكن يجب ان لا ننسى انه حين تصبح المسؤولية حق وواجب للجميع وعلى الجميع ، يصبح الوطن للجميع .